هل بشار الأسد ونظامه في طريقهم للفوز بمباراة الشطرنج التي بدأت منذ ما يقارب الخمس سنوات تحت شمس الشام ؟ وهل يبقى شيء لنأخذه في الحسبان فيما يتعلق بالجيش السوري الحر والثورة في سورية ؟ وهل خسرت داعش الحرب ؟ وما هو الدور الذي ستلعبه الأحزاب الكردية في هذه الجوقة التي أصبحت أكثر وضوحاً ؟
لقد تغيرت واجهة المسرح … الغرب فقد المبادرة والصحافة الأوربية وصل انشغالها بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين حد الهوس منذ عودة الحرب الباردة التي برزت فجأة بعد الأزمة في أوكرانيا، كما كررت تلك الصحافة أن أكثر من ألف مدني سقطوا جراء القصف الروسي في سوريا حسب المرصد السوري لحقوق الإنسان (هذه الجهة الدعائية المشبوهة التي أغرقت وسائل الإعلام بالأكاذيب منذ بداية الصراع، إنها» مصدر « مشكوك فيه يستند إليه بعض الصحفيين الحمقى حسب حاجتهم وبمهنية سيئة وخبيثة، استناداً اعتقدنا أنه مبررٌ لأنه لا أحد معصوم عن الخطأ ، لكن سوء استخدام المهنة هذا يعود اليوم ويظهر كجرح في العمل الصحفي)، لكن هذا لا يمنع أن السياسة الروسية تؤتي ثمارها وتسمح للجيش السوري النظامي بإعادة فرض نفسه في كل مكان تقريباً وحتى في مواجهة تنظيم الدولة الإسلامية
بالنسبة لموسكو، ما ينقص التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة هو الجيش السوري النظامي : قوة تدخل على الأرض مجهزة بشكل جيد ومصممة وقادرة على تنسيق عملها مع الدعم الجوي المكثف للحلفاء، لأن الضربات الجوية وحدها لا تكفي لهزيمة الكتائب الجهادية حيث القصف الجوي يتمكن وبصعوبة من احتوائها، لا بل دفعها إلى التقهقر لمسافة كيلو مترات عدة أو إخراجها من قبل الميليشيات المحلية من المناطق التي لا تتمنع فيها ببيئة حاضنة
بتناغم كامل بينهما استطاع كل من الجيش السوري والطيران الروسي تحقيق نتائج جيدة منذ بداية العمليات في تشرين الأول من العام الماضي حيث استعاد النظام السوري تدريجياً مناطق في اللاذقية وإدلب وحلب حالياً مما سيمكنه من إعادة السيطرة على البلاد شيئاً فشيئاً
الفرضية المدعومة من مراقبين عديدين متسمين باللياقة السياسية تبدو غير صحيحة ، فبحسبها الضربات الجوية الروسية ضد معارضي بشار الأسد (وليس فقط ضد تنظيم الدولة الإسلامية) سوف تضعف المقاومة ضد الجهاديين (حيث المعارضة السورية تقاتل ضد داعش أيضاً). هذه الفرضية تبدو بدون أساس فبتخليص الجيش النظامي السوري من المعارك الثانوية التي تحرف انتباهه عن الأهداف الرئيسية وتدفعه لزَج إمكاناته فيها، ستسمح الضربات الروسية بإعادة تشكيل جبهة برية فعالة ضد داعش
إعادة هيكلة العمليات العسكرية المشتركة بين موسكو ودمشق والمستمرة منذ خمسة شهور في مواجهة تنظيم الدولة الإسلامية والتي أثرت على أنقرة ، تُقحم بشكل صريح ميليشيات حزب العمال الكردي وتحديداً نظرائه السوريين ووحدات حماية الشعب . قد نتطرق للموضوع فيما بعد
في هذه الأثناء لا يجب التسرع في الحديث عن نهاية الخليفة المدعوم دائماً من تركيا. هذه الأخيرة تجني فوائد بترولية ضخمة من جراء تعاونها الظرفي مع التنظيم وتستخدم ورقة الجهاديين ضد الأكراد في سوريا الذين يبدون أكثر فأكثر ميالين للتنازل عن رغباتهم الثورية الأساسية ولإيجاد أرضية للتفاهم مع دمشق بشأن شكل من اشكال الاستقلالية في مناطقهم : يبدو الرئيس الأسد جاهزاً لمنحهم ذلك حالياً … فمن سمات الشرق الأوسط بناء التحالفات وتفككها بشكل دائم وربما سنشهد يوماً مصافحة بين أردوغان والأسد!
لا يقتصر وجود تنظيم الدولة الإسلامية على سوريا والعراق مع أنه يبدو أقل راحة فيها من السابق. هذا التنظيم يعني أيضاً التهديد بتنفيذ هجمات مخططة ومنظمة ضد الدول الأعضاء في التحالف الذي يهاجمه في مناطق سيطرته. قد تتعدد الهجمات المخططة والمعقدة بشكل لا يمكن تجنبه وتدريجياً إذا ما أخذنا في الحسبان أن التنظيم يضم أفراداً جدداً إلى صفوفه في الغرب والقوقاز وفي أمكنة أخرى
يتم تراجع الخليفة في سوريا والعراق خصوصاً في المناطق التي قاتلت فيها الميليشات الكردية وفي مناطق لا يتمتع الجهاديون فيها بدعم كامل من السكان المحليين وبعضهم شيعة، لكن لا يجب التوهم والاعتقاد أن القرى السنية التي تشكل معقلاً لا مشروطاً لتنظيم الدولة الإسلامية سوف تقبل في المستقبل بوجود عسكري مدعوم من حزب الله والميليشات العراقية المدعومة أساساً من إيران
مع كل ذلك، تتجه الأنظار حالياً إلى الرمز الأساسي للثورة السورية أي الجيش الحر، هنا حيث هذا التشكيل في حالة اندثار في القتال. إنها لحظة مأساوية تُطوى فيها صفحة من الحكاية السورية؛ إذ أن حلب المدمرة شبه منسية