EDITORIAL – Arabic version

0

هل رونالد ترامب وغد كبير؟

ترامب …ترامب… ومن ثم ترامب…العالم يحبس أنفاسه مع دخوله إلى المكتب البيضاوي وينتظر الآن ماذا سيفعل. يقول رئيس الوزراء التركي بن علي يلديريم: » الرئيس ترامب، ضع نهاية لأفعال أوباما المخزية، لقد أعطى أسلحة لإرهابيي حزب العمال الكردستاني في سوريا.«

عندما قامت إدارة أوباما الراحلة بطرد اثنين وثلاثين دبلوماسياً روسياً بعد اتهامهم بالتدخل بشكل غير قانوني في الإنتخابات الأمريكية التي أوصلت ترامب إلى البيت الأبيض ، أجاب الكرملين بأن ذلك لن يُغضب الروس حيث أيام أوباما باتت معدودة في الرئاسة وأن الإدارة الروسية سوف تتفاهم مع خلفه.

اليمين الإسرائيلي في تل أبيب يتحرّق شوقاً لمعرفة إن كان ترامب سيفي بوعده حول نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، مما يعني اعترافاً بحكم الأمر الواقع أن المدينة المقدسة عند الديانات السماوية الثلاث هي » العاصمة التاريخية للشعب اليهودي «، أسسها الملك داؤود في القرن العاشر قبل الميلاد في عصر حيث » لم يكن العرب والإسلام قد وُجدُوا بعد« ، قد ُيضيف البعض في الأوساط الإنجيلية، التي دعمت المرشح الجمهوري بشكل لا مشروط، فقط من أجل صب الزيت على النار؟

سيكون ذلك بمثابة انتقام كبير لبنيامين نتانياهو بعد »خيانة « أوباما الذي لم يستخدم حق النقض قبل أن يترك كرسي الرئاسة من أجل الإطاحة بالقرار الأممي رقم  2334. يمكن القول أن القرار المذكور يؤسس للدولة الفلسطينية المستقبلية ويُذكّر أن الضفة الغربية والقدس الشرقية  (المدينة القديمة، حائط المبكى أو الحائط الغربي وجبل الهيكل) هي » أراضٍ فلسطينية محتلة بشكل غير قانوني«، مما يشكل »إعلان حرب حقيقي على إسرائيل« كما كتبت بعض الصحف الصهيوينة. ما طرحه ترامب قد يشكل موجة صادمة ستُحدث أثراً عميقاً ولا أحد يعرف كم ستكون كلفته.

في هذه الأثناء، يقوم البنتاغون بتحضير »خطة حرب جديدة أكثر عنفاً ضد داعش«

في نهاية الأمر قد يكون ترامب وغداً كبيراً بالفعل وليس شعبوياً فقط

وإلا كيف علينا أن نفهم منعه للإيرانيين من دخول الولايات المتحدة في الوقت الذي بدأت فيه العلاقات بين البلدين تميل إلى الهدوء، ومنعه للعراقيين كذلك فيما هذا البلد يرزح تحت سيطرة أمريكية شبه مطلقة منذ العام 2003 . لقد أفرح انتخابه هؤلاء الذين تعبوا من عنجهية المؤسسة الليبرالية التي جسدتها هيلاري كلينتون. لكن، هل كان هذا الرجل جاداً عندما بدا مازحاً؟

آخر قراراته كان القرار الأحادي بدعم السياسة السعودية في سوريا واليمن من خلال إقامة مناطق آمنة من أجل اللاجئين. لكن من أجل أي نوع من اللاجئين بالضبط؟ هذا القرار يستهدف طهران مباشرة وهي المتهمة رسمياً وعلانية من قبل البيت الأبيض بالقيام بأنشطة مزعزعة للشرق الأوسط.

تحوض إيران التي تدعم الحوثيين المسيطرين على صنعاء وبنجاح حرباً بالوكالة ضد السعودية وملكها سلمان الذي حادث ترامب هاتفياً، وحرباً في سوريا حيث تدعم حكومة دمشق  بميليشيات وصل صدى نجاحها إلى الرياض، إذ ساهمت في    » تحرير « حلب وهي نشطة جداً أيضاً ضد تنظيم الدولة الإسلامية في العراق وهو، أي داعش، الحليف الموضوعي للسعودية في هذا البلد. لقد اعترضت الحكومة السورية على نية ترامب إقامة منطقة آمنة واعتبرتها انتهاكاً سافراً لسيادتها.

الكرملين وهو شريك بشار الأسد الآخر لم يرد إلا بشكل خجول على قرار ترامب وربما يكون قد تفاجأ بالظهور المفاجئ لعدم الاتساق الاستراتيجي الصادر عمن تكون روسيا قد ساهمت في انتخابه.

إنها عودة رعاة البقر !!! ولا أعرف لماذا …لكن شيئاً ما يمكن أن يتغير في الشرق الأوسط… الشرق الأوسط نعم…ففي بداية هذا العام نلامس غبار الثورات العربية البارد، لا أحد يتساءل إن كان ذلك حلماً طالما اليقظة سريالية : بشار في سوريا، السيسي في مصر وصالح في اليمن… لم يتغير شيء أو ربما  تغير كل شيء نحو الأسوأ لكن العالم لا يأبه لذلك

في هذه الأثناء، يصدم مشهد المهاجر الذي يغرق في إحدى المجاري المائية لمدينة البندقية وسط قهقهات المارة واستهزائهم من هذا المسكين محاولين التقاط سيلفي لوضعها على شبكة التواصل الاجتماعي فيسبوك فيما آخرون قاموا بشتمه.

يا إلهي! » فاليجف الدم سريعاً ونحن ندخل عتبة التاريخ… «

 

Share.

About Author

Pierre Piccinin da Prata

Historian and Political Scientist - MOC's Founder - Editorial Team Advisor / Fondateur du CMO - Conseiller du Comité de Rédaction

Leave A Reply