EDITORIAL – Arabic version

2

الحرب في سوريا في طريقها إلى النهاية، الخطابات الصادرة مؤخراً عن واشنطن وباريس لن تغير في الأمر شيئاً: سيعود الوضع في هذا البلد إلى ما كان عليه قبل الثورة وقبل تقهقرها الإسلاموي. بشار الأسد باقٍ في السلطة، بالطبع هذا الأمر لن ينال إعجاب الأنبياء المزيفين في الصحافة التقليدية ، والذين أعلنوا بصوت واحد أنَّه مغادرٌ لا محالة في العام 2011.

يبقى أن نعرف كيف ستتصرف الرياض المحبطة بشكل متزايد في مواجهة الإنتصارات المتكررة لطهران، التي تخرج لتوِّها منتصرةً في سوريا، وفي لبنان، وفي العراق. لقد تكللت أولى التدخلات العسكرية الكبيرة للميليشيات الإيرانية خارج حدودها بالنجاح بشكل منتظم، في العراق وسوريا بشكل أساسي (فيما يضمن حزب الله ­ الدولة داخل الدولة، والمجهز تجهيزاً أفضل من الجيش الوطني ­ وجوده العسكري الوطيد في لبنان)، مما سمح لإيران بأن تجد موطئ قدم لها في هذين البلدين، وأن تحيط بالعربية السعودية من الشمال، مع تحقيق بعض المكاسب في اليمن (على الحدود الجنوبية للسعودية)، حيث يظهر أنها وجدت مدخلاً قوياً لها إلى هذا البلد من خلال دعمها للحركة الحوثية الشيعية (الزيدية)، نسبة لمؤسسها حسين بدر الدين الحوثي.  

اليمن، هل تعرفونه فعلاً؟

بالكاد نتحدث عنه في الغرب، لكن إن كان الأمر يهمكم…مازال السعوديون يقصفونه، تعمُّه المجاعة، وينتشر فيه وباء الكوليرا، ومرض الخنَّاق (الدفتيريا) اللذان أصابا ما يقارب المليون شخص. 

لا تُبدي العواصم الغربية أي تعاطف مع الثلاثين مليون يمني الغارقين في هذا الجحيم؛ ومثلها موسكو وبكين. »تبدو« هذا العواصم غير مهتمة أبداً بالتدخل في الصراع. لكن المظاهر قد لا تعكس الحقيقة: تُقدم كلٌّ من واشنطن وباريس ولندن دعماً لوجستياً هائلاً للسعودية في اليمن. لقد لوَّحت العواصم المذكورة مراراً باستخدام حق النقض في مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة ضد إرسال لجنة تحقيق أممية إلى هذا البلد، ذلك قبل التوصل إلى اتفاقية عرجاء، وغير فعالة. بالطبع، على الأرجح إن شراء العربية السعودية لكميات هائلة من الأسلحة من الشركات الصناعية في هذه البلدان لا علاقة له بسياستها…  

فتحت إزاحة صدام حسين في العراق في العام 2003 والصعود السياسي للطائفة الشيعية الذي تلاها (تراجع السنَّة الذين استندت إليهم دكتاتورية صدام حسين إلى مواطنين من الدرجة الثانية) البابَ لنفوذ طهران؛ شكَّل التوسع المذهل لتنظيم الدولة الإسلامية (المدعومة أساساً من بعض الإمارات الخليجية) تهديداً لهذا النفوذ في وقت ما، لكنه لم يلبث أن توطد بعد النصر على الجهاديين واسترجاع الفلوجة، وسامراء، وتكريت، ثم الموصل، مما عزَّز سيطرة الشيعة العراقيين على البلاد وأنقص الوزن السياسي للطائفة السُنيَّة التي اعتُبِرَت مهزومة تماماً كتنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، مع أن السنَّة رحبوا بانتصارات جيش بغداد (العاصمة المُتَشيَّعة منذ وقت طويل).

علاوة على ذلك، تغلبت إيران على سلسلة الإضطرابات التي سادتها مظاهرات شعبية في كانون الثاني (2018): انتهت موجة الغضب الإقتصادية والإجتماعية؛ لم تتزعزع مبادئ الثورة الإسلامية (من ناحية ثانية، لم تشكل هذه المبادئ بحد ذاتها هدفاً لأكثرية المحتجين، الذين طالبوا بالعمل وبحياة أفضل)؛ ولم يحدث (الربيع الإيراني).

إذن، حاضراً ستعتمد مسألة إعادة الاستقرار إلى المنطقة أو تفجير أزمة جديدة واسعة فيها على ردة فعل الأمير المذهل محمد بن سلمان. فيما يتعلق بهذا الأمر، ولسوء الحظ، يُنبئ » الفشل  « الغريب التي انتهت إليه » عملية الحريري « باضطرابات جديدة…

توجد حالة قلق في لبنان كذلك، سببها المناورات السعودية التي تزيد من انقسام السكان ومن التوترات السياسية والإجتماعية المتفاقمة أصلاً بسبب الصراع في سوريا…

في هذه الأثناء، قام دكتاتور بإزاحة آخر في مصر؛ كان الأول أكثر قسوةً من سلفه. لم يتساءل أحد حاضراً إن كانت اللحظة الثورية القصيرة التي ألهبت ساحة التحرير ومعها قلوب شعب بأكمله مجرَّد تكرار حاذق لمشهد سابق، كخدعة سحرية هدفت لتغيير كل شيء من أجل ألا يتغير شيء في نهاية الأمر؛ هذا ما ستؤكده » الإنتحابات « الرئاسية في السادس والعشرين من آذار الجاري. كل شيء خاضع للرقابة: » الناخبون « و » الصحافة  «  و»العدالة «

أيُّ مساعد مدير في صحيفة (لوموند دبلوماتيك) صرخ في أذني مرة في العام 2013 (بعد أن بينتُ أن هناك بوادر انقلاب عسكري) قائلاً : » الديمقراطية في مصر تسير على الطريق الصحيح والعودة للوراء مستحيلة«؟

! «جدياً وبصدق…كما أعلن الجنرال الرئيس عبد الفتاح السيسي مؤخراً: » ما حدث في مصر منذ سبع سنوات لن يتكرر ثانيةً 

 

Share.

About Author

Pierre Piccinin da Prata

Historian and Political Scientist - MOC's Founder - Editorial Team Advisor / Fondateur du CMO - Conseiller du Comité de Rédaction

2 Comments

  1. Pingback: The Maghreb and Orient Courier-EDITORIAL-Arabic version: | actualitserlande

Leave A Reply