EDITORIAL – Arabic version

0

لماذا لم تحشد المملكة العربية السعودية أي من جنودها من أجل قتال تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا والعراق فيما أرسلت مائة وخمسين ألفا منهم إلى الحدود مع اليمن بهدف ضرب تنظيم الحوثيين الشيعي؟

 

لماذا اقتصرت مشاركة المملكة في التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة الإسلامية على خمس طائرات مقاتلة فقط فيما تمتلك أربعمائة منها وقد حشدت ما يقارب المائة من أجل الحرب على اليمن؟

 

لماذا انخرطت الملكيات الخليجية بشكل فعال إلى جانب الرياض من أجل إحياء الحماية السعودية على صنعاء فيما هذه الملكيات غائبة في معظمها عن التحاف الدولي ضد داعش ؟

 

لماذا لا تجرؤ الدول الغربية التي ترفع غالبا لواء الدفاع عن حقوق الإنسان لتبرير تدخلاتها المسلحة على الطلب من الرياض وضع نهاية لسياسة الإعدامات الجماعية لمحكومي الحق العام وللتعذيب الذي تقوم به بموجب قانون جزائي فوضوي وبربري؟

 

حتى فرنسا التي تعطي دروس عن حقوق الإنسان والتي كانت من أكثر المتحمسين للتدخل العسكري في ]الثورتين[ الليبية والسورية ، فرنسا هذه التي فهمت على ما يبدو أن الإكتفاء الأمريكي في مجال الطاقة ترك لباريس الساحة خالية في شبه الجزيرة العربية، فرنسا الجاهزة لغرس أنيابها في العظم الذي يتركه الأمريكيون خلفهم أو الإنقضاض بسرعة كما كان عليه الحال في زائير في عهد الرئيس الأسبق جيمي كارتر الذي أدار ظهره للدكتاتوريات. تقول صحيفة اللموند الفرنسية أن فرنسا لا يمكنها تأسيس سياستها الخارجية على مبدأ واحد وهو الدفاع عن حقوق الإنسان . وهل لحقوق الإنسان وزنٌ عندما يتعلق الأمر بعقود بقيمة عشرة مليارات من الدولارات ناقشها رئيس الوزراء الفرنسي إمانويل فالس مع السعودية في أكتوبر من العام الماضي؟

 

يمكن القول أن فرنسا تصبح بالتدريج أفضل حليف للملكة السعودية التي تبحث عن أصدقاء والتي تتمسك بشدة بباريس

يبدو أن واشنطن تعيش منذ فترة قصيرة حالة من الإلهام تدفعها إلى التراجع عن الحلف التاريخي الذي تم التوصل إليه على متن السفينة كوينسي وإلى الغضب من حليفها القديم الذي أرضعها البترول بذراع ودعم الجماعات الجهادية مالياً بالذراع الأخرى، هذه الجماعات التي دمرت برجي التجارة العالمية وقتلت في باريسلقد تعبت واشنطن فيما أعطتها عودة الدفء إلى العلاقات مع طهران قوة دفع في المنطقة

لكن علينا ألا نخطئ ، إذ أن الإتفاق النووي الذي تم توقيعه مع طهران ليس السبب في تحسن العلاقات بين البلدين لا بل إنه بالأحرى النتيجة. نتيجةٌ أسبابها معروفة ، فمن ناحية، انفتاح الأسواق بما فيها السوق البترولية أمام المستثمرين الأجانب ، هذا الإنفتاح المقبول بل المرغوب من قبل الرئيس حسن روحاني واليمين الإيراني اللذان استبدلا منذ العام 2013 السياسات الإجتماعية والتنموية الريفية للرئيس أحمدي نجاد بسياسة ليبرالية مفرطة. ومن ناحية ثانية ضرورة إدخال طهران في الحرب ضد داعش فالجمهورية الإسلامية هي القوة الوحيدة التي من شأنها نشر قوات برية ،الأمر غير المتوفر حالياً بالنسبة لقوات التحالف الدولي حيث أبطأت ضرباته الجوية تقدم تنظيم الدولة الإسلامية لكنها لم تنجح في اجتثاثه

لقد تغير مسار الأمور في الشرق الأوسط إذ تبدو العربية السعودية معزولة أكثر فأكثر ومُشارٌ إليها بإصبع الإتهام كما أنها وقعت ضحية لألاعيبها وتظهر في حالة إشكالية معقدة ، فمن ناحية تجد ضرورة ملحة لصد إيران ، فيما الغرب يبدو أقل ميلاً لمسامحتها على دعمها للقضية الجهادية السنية وكذلك ]للإرهاب[ ومن ناحية ثانية مواجهة المخلوق الداعشي الذي يتطلع إلى مكة وشفاهه تهمس بطلب طاعة الأمراء العرب للخليفة ابراهيم

 

لقد أيقظت الهجمات المزدوجة في باريس عواصم القرار الغربية ]لكن ليس وزارة الخارجية الفرنسية التي على ما يبدو تستمر في النظر بعين الرضى للرياض وبيع أسلحة وبضائع فاخرة لهؤلاء الملطخة أيديهم بدماء المواطنين الفرنسيين ، مع درايتها التامة أن الملك سلمان سيكون مجبراً على الصمت بعد استقبال الرئيس روحاني في الإليزيه وبيعه طائرات الإيرباص[

 

ربما شكل الإعدام الأرعن للداعية الشيعي باقر النمر وقاحة أو أو استفزازاً أزعج الغرب المشغول قليلا جدا في هذه الأوقات الحرجة بوقف الحرب بالوكالة التي يقودها بدو الرياض ، أهل الترحال السابقون، ضد الأصدقاء الإيرانيين الجدد هؤلاء الفرس أصحاب التاريخ الألفي

 

قد لا يكون لما سبق علاقة بما سنقوله عن تونس أو ربما ليس له علاقةإذ يبدو المناخ العام ثقيلاً وأقل ميلاً لحرية التعبير في هذا البلد

Share.

About Author

Pierre Piccinin da Prata

Historian and Political Scientist - MOC's Founder - Editorial Team Advisor / Fondateur du CMO - Conseiller du Comité de Rédaction

Leave A Reply