EDITORIAL – Arabic version

0

حلب التي باعها أردوغان لبشار الأسد سقطت أم تحررت … كل يستخدم الكلمة التي تناسب موقفه من الحرب في سورية

إنها مسألة مفردات لا أكثر ولا تغير شيئاً من حقيقة أن بشار الأسد وحكومته البعثية يثبتون خطأ التوقعات التي صدرت عن كثير من المحللين منذ بداية ما يسمى بالربيع السوري في العام 2011. لكن من ناحية ثانية يؤكدون دقة تنبؤات بعض محترفي العمل على الأرض والذين قدروا منذ البداية أن النظام السوري باقٍ ولفترة طويلة

من المحتمل أنه سيتم استرجاع محافظة إدلب في المرحلة القادمة. باستثناء إقليم الرقة الخاضع لسيطرة تنظيم الدولة الإسلامية، فإن إدلب هي المعقل الأخير للمعارضة المُكونة أساساً من جبهة النصرة ولذلك من الممكن أنها ستُقاوم مقاومة ضارية من أجل منع تقدم الجيش السوري وحلفائه الروس والإيرانيين والشيعة عموماً.

وعندما سيسقط هذا المعقل ، وهو سيسقط بالتأكيد كما كان عليه الحال في حمص وحلب ، إنها مسألة وقت لا أكثر، عندها ستكون »سورية المفيدة« بالكامل تقريباً تحت سيطرة حكومة دمشق التي ستنظف هذه المناطق من جيوب المقاتلين الإسلاميين بفئاتهم المتنوعة ومن ما تبقى ممن تحالفوا معهم من الجيش السوري الحر سواء بشكل طوعي أو بالإكراه.

يبقى إذن القضية الكردية…ماذا سيفعل النظام السوري لمواجهة المطالب الإستقلالية لثلاث كانتونات كردية في شمال البلاد؟ يسيطر الأكراد بالتدريج، وهم اليوم حلفاء موضوعيون للنظام في مواجهة تنظيم الدولة الإسلامية وإسلاميي جبهة النصرة وما تبقى من الجيش السوري الحر المدعوم والمُستخدم كأداة من قِبل أنقرة، على الأقاليم التي طالبوا بها مسبقاً ويصنعون فيها كردستانهم الصغير الذي حلموا به منذ مئة عام ، هذا الحلم لم يكن ممكناً تحقيقه بدون الاضطرابات المتعاقبة التي سببها ما سمي الربيع العربي.

لكن ماذا عن الغد؟ أي عندما ستنتفي الحاجة لمثل هذا التحالف المذكور أعلاه؟ عندما سيكون تنظيم الدولة الإسلامية قد هُزم (ولاشك أنه سيُهزم فهجومه على تدمر ليس إلا عَرَضَاً لبداية نهايته ولا يمكن تفسيره إلا بسبب غياب الحاميات العسكرية في هذه المنطقة الصحراوية والتي تم سحبها من أجل استعادة حلب) وعندما سيكون بشار الأسد قد وضع يده من جديد على كامل البلاد؟

هل سيمتلك أكراد سورية القوة اللازمة أو الدعم الدولي الضروري من أجل فرض استقلالهم كأمر واقع والحفاظ عليه وبدون أي اتفاق تحت رعاية الأمم المتحدة؟ من الصعب أن نتخيل قبول روسيا في مجلس الأمن الدولي باقتطاع جزء من أرض الحليف السوري.

هل يمكننا الحديث إذن عن شكل من أشكال الاستقلالية في إطار سورية الموحدة؟ لكن إلى أي مدى سيقبل النظام البعثي بهكذا حل وهو المتمسك بعمق بفكرة سورية واحدة كأمة (ربما كانت خيالية) وبفكرة الدولة بدون أن يرى فيه سابقةً خطيرةً وتهديداً وجودياً له على المدى الطويل؟

أو ربما بطريقة بسيطة وجذرية سيقوم تحالف ظرفي آخر بين أردوغان والأسد (تحالف مؤقت من أجل حل المشكلة الكردية أو دائم بمباركة روسية)  وبدون تردد أو تأخير بسحق ميليشيات وحدات حماية الشعب الكردية وهي الأخ الصغير لحزب العمال الكرستاني؟ كيف يمكننا أن نتخيل أن هذه الميليشيات الكردية السورية يمكنها أن تقاوم هاتين القوتين مجتمعتين؟

هذه القضية تحديداً كانت موضوع النقاش الذي دار منذ أيام عدة بيني وبين عدد من الدبلوماسيين الأتراك (وقد عبّروا عن قلقهم نتيجة الإنعطافة التسلطية التي تشهدها بلاده). سألت لماذا توقف رئيسكم فجأة عن دعم جبهة النصرة في حلب وعن تقديم الأسلحة للمتمردين الذين كانوا يدافعون عن المدينة؟ ولماذا لم يحرك ساكناً من أجل مساعدتهم؟ أمسك أحدهم بذراعي لكي يكلمني جانباً فهمس قائلاً : » تم توقيع اتفاق« . هذا لم يعد سراً، لقد ضغط أردوغان على جبهة النصرة من أجل أن تنسحب من حلب مقابل أن يترك الأسد وروسيا لجيشنا حرية المناورة ضد الأكراد في شمال سوريا…مبادلة شيء بآخر.

 

أردوغان وكرهه للأكراد… أردوغان وتركيا ما بعد الإنقلاب الفاشل، حيث يوجد تركيا ما قبل وتركيا ما بعد 15 تموز…   » أنا بخير لكن البلد ليس كذلك«، كتب لي مراسلنا في إسطنبول منذ ايام عدة.  » كل يوم أسوأ من سابقه، عليّ أن أكون حذراً من الآن فصاعداً«

 

العسكر الكماليون كانوا سيرغبون في تعطيل العملية لكنهم زادوا من سرعتها بشكل لا إرادي بمساعدة الشعب الذي نزل للشارع من أجل إيقافهم مما أدى لترسخ الديكتاتورية !

تترسخ في هذه الأثناء الديكتاتورية في مصر راضيةً بسجونها الممتلئة! تعذيب في السجون في ظل عدم اكتراث المجتمع الدولي الشريك! لا تتوقف العشائر والقبائل والميليشيات في ليبيا عن تدمير البلاد وبنيتها التحتية! وإن تتعدد القوانين المقيدة للحريات في تونس تقوم المملكة المغربية بالتعذيب في سجونها! لا نغير الوضع القائم وأوربا تبتسم لتلميذها النموذجي في مجال حقوق الإنسان، مما دفع أحد رواد الفيسبوك المعروفين للسخرية من ذلك بكتابة « LOL »  .

في الوقت الذي اصبح فيه النظام السوري في موقع لا يمكن عدم أخذه بعين الاعتبار وفي وقت انهيار تنظيم الدولة الإسلامية تدريجياً وفي وقت يزداد فيه تشظي العراق بين مختلف القوى الكردية والشيعية والسنية، يُعاد ترسيم الإقليم جيوبوليتيكاً بين الولايات المتحدة وروسيا وتركيا والعربية السعودية التي خسرت حرب البترول الصخري وإيران التي ليست منفتحة بشكل كبير كما نعتقد.

إنها حفلة رقص دولية تحدث أمام عيون الإتحاد الأوربي البلهاء، المترقبة، التي تجاوزتها الأحداث، الساكنة والمكتئبة.

أما اليمن فأين هو من كل ذلك؟

 

Share.

About Author

Pierre Piccinin da Prata

Historian and Political Scientist - MOC's Founder - Editorial Team Advisor / Fondateur du CMO - Conseiller du Comité de Rédaction

Leave A Reply